هلوسات صديقي بعد ان
جفاه النوم في إحدى الليالي الصيفية:
صيف قائض،بحرارته التي تلهب الجسد نهارا ،وبرطوبته الليلية التي تجعل النوم صعب المنال ،فيأخدنا السهر ،ونعيش اليل بكل حواسنا ،فتارة يشنف أسماعنا بشكل عابر صياح وعربدة سكير تائه يلتمس طريقه المظلم، ولو أن مصابيح الإنارة مضاءه ،يتفوه بكلمات عابرة ،تعبر عن مدى حقده على نفسه وعلى المجتمع وعلى الوضع الذي تعيشه البلاد وخصوصا هذه البلدة ،تتدفق الكلمات النابية ، كالمياه العادمة ،التي ضاقت بها المجاري فأخدت سبيلها في الأزقة الضيقة ،ومن الساهرين خارج البيوت من يستمتعون بالفرجة مجانا على سكير تعتر ت رجليه ،فتمايل ،فهوى على وجهه،وهناك من السكارى من يأخده الحنين ويعانق ويسلم على معارفه سواء من ذوي القربى ،أو من خارج دائرتها ،فيذكر بمناقبهم ومناقب أهلهم ،وكأننا بشاعر عباسي يمدح تقربا وحضوة ،فيمرون من الشوارع والأزقة ملئُهم الضجيج الغير منظم ،أما الضجيج المنظم فتصدره ميكروفونات ومكبرات صوت الاجواق الغنائية التي تحيي الأعراس حتى مطلع الفجر ،بأغاني ليس لها سوى الاسم وتذكرك بمواعين مطبخ متدحرجة من أعلى السُلم ،فيتلقفها مغني هاوي ويجعل منها كلمات ورنات ومعزوفة لايستمع إليها عاقل ،ولاتحلو لها نسائم متذوق موسيقى مهذبة ،وتتجلى للحاضرين من السكارى من أعذب الألحان ،ووخزا لمؤخرات نسوية تتحرك في كل الإتجاهات مظهرة لعُهر كامن في النفوس، ودائما تحت شعار الفرح والرقص للعروس والعريس . حقيقة ًمن حق كل الناس الاحتفال وإعلان الزواج بالطرق السليمة ،لكن بتوقيت معقول يحترم الهيئة النائمة والتي تمني النفس بنوم هنئ ولو لساعات قليلة ،للوفاء بإلتزام الاستيقاض وقضاء الماَرب والانتشار في الارض من أجل السعي وراء الأرزاق لأن خالق الكون جعل النهار معاشاً والليل سباتاً وتلك سنة الله في الأرض ولا تبديل لها ،لكن المقبلون على الزواج يخرقون ميتاق سيرورة الكون ويخلقون الضجيج ويسَهرون العباد ،وبكل التأكيد لن تكون دعوة الخير لصالحهم والله يقبل دعوة المظلوم في ليلة كرب وضجيج ،وعليه فقضايا الطلاق تتكاتر في الشتاء.هكذا تستمر الفيجطة وسط العشرات من البيوت والمكروفونات مطلوقة على الاخر قد تسمع صداها من مداخل المدينة ،والعجيب ،أن مساجدنا قبيل الفجر بنصف ساعة تشتعل مكبراتها بالابتهالات وتختلط الاصوات وتختلف الكلمات ومن الكلمات مايجعل تبَيٌنَها وفهمها صعبا ،بصعوبة نطق وعدم سلامة المخارج الصوتية لماسك ميكروفون المسجد ، فتتمازج الأصوات بين الكمنجة والمبتهلين ،فلا المحتفلون إحترموا الابتهالات ولو أنها بدعة لا نعلم دليلاً يدل على وقوع ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا نعلم أحداً من الصحابة عمل به ،ولا المبتهلون بأصواتهم النشاز إحترموا ناس ذوو مرض نفسي يصعب نومهم طبيعيا ،ولا أطفال صغار ،سيفزعون من همهماتهم ،فيأتي وقت رفع الأذان وغالبا ما تتوقف الموسيقى الصاخبة ،ايذانا بطلوع الفجر والدعوة للصلاة ـ فهنيئا للمشائين في الظلمات ،وهنيئا لمن برمج ساعته البيولوجية مع توقيت الفجر حتى بدون ميكروفونات ،في زمن كترت فيه الابواق وندٌرَت صفوف المصلين . نحن في دولة ذات سيادة، وسيادة القانون من أوجهها الاولى ،والامور التنظيمية موكولة للسلطات المحلية وبنص القانون الصريح ،فلا تساهل إذن مع الفوضى ومع من يقلق راحة الناس وحدود حرية المرء تتوقف عند بداية حرية الاخرين ،وكان من الأفضل أن يقام الحفل نهارا وإن زاد ليلا فحتى منتصفه .وبترخيص يلتزم بموجبه مقيم الحفل التوقيت المخصص ،فهكذا ستعيش كل الأطراف في رضى وراحة ،ورضى الله أولى.
عبدالعالي عطيف
ليست هناك تعليقات :